قِصَّةٌ شَقِيَّةٌ

إستاء أحد الكتب من قلّة اهتمام الأولاد به وانشغالهم عنه بالألعاب الإلكترونية، فيقرر الانتقام بطريقة طريفة.

بقلم: ديالا أرسلان تلحوق

العمر: 9 سنوات

 

غُبارٌ، غُبارٌ، أَكَلَني الْغُبارُ.

أَيْنَ الْبَخّاخُ؟ ها هُوَ. طَسَّةٌ، إثْنَتانِ، دَقيقَةٌ وَتَهْدَأُ سَعْلَتي.

مش بس تركوني وحدي، تركوني تاكلني الغبرة!

أَهَكَذا يُعامِلونَ ما لَهُ شَأْنٌ؟

أَهَكَذا يُهْمِلونَ ما لَه ُقيمَةٌ؟

تَرَكوني وَمَشَوْا؟ إنَّـهُمْ حَتّى لا يُكَلِّفونَ نَفْسَهُمْ عَناء مَسْحِ الْغُبارِ عَنّي! تَرَكوني لِلْحَساسِيَّةِ أَسْعُلُ وَصَدْري يَصْفُرُ!

لَعَلَّكُمْ تَتَساءَلونَ مَنْ هَذا الَّذي يُكَلِّمُ نَفْسَهُ ذارِعاً الْبَيْتِ ذَهاباً وَإياباً، غاضِباً، مُدَمْدِماً وَلاعِناً.

أَنا ما حَضَنَتْهُ وَمَسَدَتْ صَفَحاتِهِ أَيادٍ عَديدَةٌ.

أَنا ما أَكَلَتْهُ الْأَعْيُنُ أَكْلاً وَشَمْشَمَتْ حِبْرَهُ أُنوفٌ كَبيرَةٌ وَصَغيرَةٌ.

أَنا ما تَلَقَّفَتْ قِصَصَهُ عُقولٌ وَتَعَلَّقَتْ قُلوبٌ بِأَحْداثِهِ. 

أَنا الْيَوْمَ ما تَتَجاهَلُهُ الْأَيادي وَالْأَعْيُنُ وَالْقُلوبُ وَتُفَضِّلُ عَلَيْهِ الْحاسوبَ وَالْـهاتِفَ النَّقّالَ وَالْأَلْعابَ الْإِلِكْتْرونِيَّةَ.

Tamara Jurdi - Ossas illustration

الرسمة تقدمة: تامارا الجردي – 13 سنة – تحت إشراف فدوى القاسم

قال شو، قال؟ قال أنا دقة قديمة! اعطوني البخاخ!

قال اللعب على الـ Xbox مع أصدقاء إفتراضيين أحلى! قال القراءة بالعربي صعبة! قال بينعسوا من أول صفحة، قال!

لا!

لَنْ أَبْقى وَحْدِيَ بَعْدَ الْآنِ.

سَأَتَصَرَّفُ.

أَيَعْتَقِدونَ أَنَّ بِإمْكانِـهُمْ تَجاهُلي؟ سَأُريهُمْ!

أَيَعْتَقِدونَ أَنَّ بِإمْكانِـهُمْ هَجْري؟ سَيَنْدَمونَ!

سَأَجْعَلُهُمْ يَـحْضُنونَني وَيُقَلِّبونَني وَيُقَبِّلونَني وَيُـحِبّونَني!

لَدَيَّ خِطَّةٌ وَسَأُنَفِّذُها! هَه!

سَأَبْدَأُ بِالْـحاسوبِ. هَذِهِ الْمَفاتيحُ الَّتي يَضْرُبونَ عَلَيْها ساعاتٍ يَوْمِيّاً. ها أَنَّني أَقْتَلِعُها! وَها أَنَّني أُعيدُ تَرْكيبَها عَشْوائِيّاً! هَه!

وَالْآنَ شَواحِنُ الْـهَواتِفِ النَّقَالَةِ. ها أَنَّني أُخَبِّئُها. وَهَذِهِ هِيَ الْـهَواتِفُ الْمَحْمولَةُ. ها أَنَّني أَدْخُلُ الْقائِمَةَ وَأُغَيِّرُ كَلِمَةَ السِّرِّ. جونغا بونغا إفرنقع عفسترين. هَه!

أَيْنَ جِهازُ التَّحَكُّمِ بِالتِّلْفازِ؟ تَعالَ. لَنْ تَـجِدَكَ حَتّى الْعَفاريتُ السّودُ. هَه!

قَصْقَص يا قَصْقَص يا مِقَصِّيَ الطَّيِّب. إطْلَعْ لي مِنْ بَيْنِ صَفَحاتي. هَه! شَرائِطُ الْـ  Xboxالْكَهْرَبائِيَّةُ أَقُصُّها كُلُّها! هَه!

وَهَذِهِ الطّائِرَةُ الْـ drone أُطَيِّرُها إلى بَيْتِ الْجيرانِ الْمَهْجورِ. مَعَ السَّلامَة!

Omar Talhouk - Ossas illustration

الرسمة تقدمة: عمر تلحوق – 11 سنة – تحت إشراف فدوى القاسم

خَيييي… لَقَدْ عَطّلّتْ ُكُلَّ الْإلِكْتْرونِيّاتِ في الْبَيْتِ وَلَـمْ يَعُدْ لَدى الْأَوْلاد خَيارٌ إلّا أَنْ يَقْرَأُوني.

لَكِنْ مَهْلاً.

هَلْ أَقْفُزُ داخِلَ حَقائِبِهِمْ؟ هَلْ أَسْتَنِدُ إلى طاوِلَتِهِمْ؟ رُبَّـما يُلْقونَ عَلَيَّ نَظْرَةً وَلا يَهْتَمّونَ بِتَصَفُّحي.

وَجَدْتُها! سَأَنْدَسُّ في أَسِرَّتِـهِمْ فاتِـحاً لَـهُمْ صَفْحَةَ الْـمارِدِ الَّذي يَـخْرُجُ مِنَ الْفانوسِ السِّحْرِيِّ وَيَعْصى أَوامِرَ سَيِّدِهِ وَيَتَعارَكُ مَعَهُ بَدَلَ أَنْ يُنَفِّذَ أَوامِرَهُ.

هَذِهِ قِصَّةٌ شَقِيَّةٌ سَتُعْجِبُهُمْ.