الميلاد سعادة… الميلاد فرح… أم تراه ليس كذلك؟
ديالا أرسلان تلحوق
العمر: 6 سنوات
لَيْلَةُ الْميلاد.
السَّماءُ تَرْمي نَفْنافاً يَتَراكَمُ عَلى زُجاجِ النَّوافِذ.
الْبَيْتُ ساكِنٌ… الْكُلُّ نائِمٌ…
الْجَوُّ عابِقٌ بِرائِحَةِ حَطَبٍ في الْمَدْخَنَة.
أَسْلاكٌ مُضيئَةٌ تومِضُ وَتَتَلَأْلَاُ عَلى أَغْصانِ شَجَرَةِ الْعيد.
هَدايا مَكَدَّسَةٌ تَحْتَ الشَّجَرَةِ تَنْتَظِرُ خَشَخَشَةَ أَغْلِفَةٍ تَتَمَزَّقُ وَزَعْقاتٍ مُصاحِبَة.
تَأَرْجَحَتْ رَقّاصَةُ السّاعَةِ إثْنَتَيْ عَشَرَ مَرَّة.
مِنْ وَسَطِ الْهَدايا، سُمِعَ نُباحٌ خَفيف.
ثُمَّ شَعَّ ضَوْءٌ وَجاءَ صَوْتٌ خافِت: “أَهُناكَ كَلْبٌ بَيْنَنا؟”
أَتاهُ الْجَواب: “نَعَم.”
عادَ الصَّوْتُ يَسْأَلُ ثانِيَة: “وَلِمَنْ أَنْتَ؟
– عَلى قَفَصي بِطاقَةُ مُعايَدَةٍ لِلْجَدَّةِ مَهى.
– مِنْ أَيَّةِ فَصيلَةٍ أَنْت؟
– لابْرادور. دُرِّبْتُ لِمُرافَقَةِ الْمَكْفوفين. وَمَنْ أَنْتَم؟
عَرَّفَتْ جَميعُ الْهَدايا عَنْ نَفْسِها: دَرّاجَةٌ هَوائِيَّةٌ قابِلَةٌ لِلثَني، عُطورات، مُجَوْهَرات، دُمى، مِعْطَفٌ مِنْ وَبْرِ لاما، عِدَّةُ صَيْدٍ، كُتُبٌ، مِصْباحٌ، إلِكْترونِيّات…
ثُمَّ قالَتْ إِحْدى الْهَدايا: “وَنَحْنُ بِطاقَةُ سَفَرٍ إلى الْنيبالِ وَبِطاقَةٌ لِلْمُشارَكَةِ في مُباراةِ بولو عَلى ظَهْرِ فيل.”
ضَحِكَتْ هَدِيَّة: “بولو عَلى ظَهْرِ فيل؟ ها ها ها. البولو تُمارَسُ مِنْ عَلى ظَهْرِ حِصان.
– لَكِنْ في الْنيبال، تُمارَسُ هَذِهِ الرِّياضَةُ عَلى ظَهْرِ فيل.” أَجابَتْها الْبِطاقَتان.
تَصادَقَتِ الْهَدايا وَفَرِحَتْ بِبَعْضِها.
قالَتْ إحْداها: “وَأَنْتِ يا شانا، بِما أَنَّكِ دُمْيَةٌ مُبَرْمَجَةٌ لِتَتَحَوَّلي إلى مُمَرِّضَةٍ أَوْ مُهَنْدِسَةٍ أَوْ رَسّامَة، فَإِنَّنا سَنَلْهُوَ كَثيراً! كَمْ أُحِبُّ عيدَ الْميلاد! إِنَّهُ يَجْلِبُ السَّعادَةَ لِجَميعِ الْأَطْفالِ في الْعالَم!”
هَدَرَتْ طّائِرَةٌ بِدونِ طَيّارٍ وَقالَت: “كَلامُكِ غَيْرُ صَحيح. أَلْعيدُ لا يُسْعِدُ كُلَّ الْأَوْلاد.
– لِماذا تَقولُ ذَلِك؟
– في طَريقي إلى هُنا، حَلَّقْتُ فَوْقَ بَيْتٍ وَسَمِعْتُ بِنْتاً تَقول: أَنا أَكْرَهُ هَذا الْعيد! لا أَحْصَلْ إلّا عَلى قُبُلاتٍ وَثِيابٍ قَديمةٍ مِنْ بَعْضِ الْأَوْلاد.“
سَكَتَتِ الْهَدايا.
بَعْدَ دَقائِق، تَقَدَّمَتْ هَدِيَّتانِ مِنَ الطّائِرَةِ وَقالَتا: “نَحْنُ هَدِيَّتانِ مُتَطابِقَتان: مُسَجِّلَةٌ ديجيتال مَعَ ميكْروفون. خُذْ إحْدانا وَطِرْ بِها إلى بَيْتِ تِلْكَ الْبِنْت. سَتُسْعَدُ بِهَدِيَّتَها.”
إبْتَسَمَتِ الْهَدايا.