لماذا التضارب في شهر رمضان المبارك؟ هل يتعلّم مالك المشاكس احترام الغير والاقلاع عن المعاصي؟
ديالا أرسلان تلحوق
العمر: 12 سنة
.مالِكٌ مُشاكِسٌ كَبيرٌ
…مَرَّةً
.رَبَطَ خَيْطَ مَصّيصٍ شَفّافٍ بَيْنَ كُرْسِيَّيْنِ وَتَسَبَّبَ بِتَعَثُّرِ التَّلاميذِ
الرسمة: رمزي قرانوح
…وَمَرَّةً
.أَحْضَرَ عُصْفورًا إِلى الصَّفِّ وَحَرَّرَهُ مِنْ قَفَصِهِ، فَسادَ الْهَرْجُ وَالْمَرْجُ
…وَمَرَّةً ثالِثَةً
أَخْفى أَحْذِيَةَ التَّلاميذِ الرِّياضِيَّةِ كَيْ يُضَيَّعُ الْوَقْتُ في الْبَحْثِ عَنْها بَدَلاً مِنْ مُمارَسَةِ الرِّياضَةِ
…وَحَدَثَ ذاتَ يَوْمٍ، في شَهْرِ رَمَضانَ، في الصَّفِّ
قالَتِ الْمُعَلِّمَةُ: “حَلَّ شَهْرُ رَمَضانَ الْمُبارَكِ عَلَيْنا، شَهْرُ الصَّوْمِ عَنِ الْأَكْلِ وَعَنِ الْمَعاصي
هاتوا أَمْثِلَةً عَنِ الْمَعاصي”. ا
:يَرْفَعُ بَدري يَدَهُ وَيُجيبُ
!السَّرِقَةُ
!إِطْلاقُ الْإِشاعاتِ
!الضَّرْبُ
!الْكَذِبُ
!الْكَلامُ الْبَذِيءُ
“!يَقْلُبُ مالِكٌ عَيْنَيْهِ وَيَزْفُرُ عالِياً: “حِكي بَدري وِانْشَرَحْ صِدْري
“.تَأْمُرُ الْمُعَلِّمَةُ مالِكاً بِالسُّكوتِ وتَكْتُبُ عَلى اللَّوْحِ: “صوموا
“.يَصيحُ بَدري: “تَصُحّوا
“!يَقولُ مالِكٌ بِاسْتِهْزاءٍ: “بَصّيم
“!يَغْضَبُ بَدري وَيُجيبُهُ: “أَفْضَلُ مِنْ أَنْ أَكونَ أَهْبَلاً
.هُنا، يَنْقَضُّ مالِكٌ بِشَراسَةٍ عَلى بَدري وَيَتَضارَبا
تَسودُ الْفَوْضى في الصَّفِ، التِّلْميذاتُ يَصْرُخْنَ وَالتَّلاميذُ يُحاوِلونَ إِبْعادَ الْمُتَضارِبَيْنِ عَنْ بَعْضَيْهِما الْبَعْض. لَكِنَّ الْإِثْنَيْنَ قَوِيّانِ وَحانِقانِ، فَهَذِهِ لَيْسَتِ الْمَرَّةُ الْأولى الَّتي يَتَلاسَنانِ بِسَبَبِ هُزْءِ مالِكٍ مِنْ جِدِّيَّةِ بَدري في الدَّرْسِ وَتَفَوُّقِهِ الْمُتَواصِلِ وَرَفْضِهِ الْاِنْصِياعِ لِشِلَّةِ مالِكِ “الْكوول”. وَقَدْ تَكَرَّرَ الْاِحْتِكاكُ بَيْنَهُما وَتَصاعَدَ التَّوَتُّرُ إِلى أَنْ وَصَلا حَدَّ التَّضارُبِ. ا
.يَبْطَحُ مالِكٌ بَدري أَرْضاً، يَضْغَطُ عَلى حُنْجُرَتِهِ وَيَخْنُقُهُ
.تُمْسِكُ الْمُعَلِّمَةُ بِقَميصِ مالِكٍ لِتَسْحَبَهُ عَنْ بَدري، فَتُصيبُها لَكْمَةٌ مُهْتاجَةٌ توقِعُها جانِباً
أَخيراً، يَرْكُلُ بَدري مالِكاً رَكْلَةً تُفْقِدُهُ تَوازِنَهُ، فَيَفْلُتُ الْأَوَّلُ الَّذي يَتَنَفَّسُ بِصُعوبَةٍ
.وَيَأْخُذُهُ سُعالٌ مُتَقَطِّعٌ
.يُطْرَدُ مالِكٌ وَبَدري مِنَ الْمَدْرَسَةِ
سَنَوِيّاً، خِلالَ شَهْرِ رَمَضانَ الْمُبارَك، تَتَوَجَّهُ والِدَةُ مالِكٍ إِلى خَيْمَةٍ رَمَضانِيَّةٍ لِتَقْديمِ طَبَقِ إِفْطارٍ لِلْمُحْتاجينَ. هَذِهِ السَّنَةَ، يُرافِقُها مالِكٌ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ، عَلَّهُ يَرى جانِبَ الْحَياةِ الْجِدِّيِّ وَيَهْدَأَ. ا
ها هُما يَصِلانِ خَيْمَةً في حَيٍّ مُتَواضِعٍ وَيَشْرَعانِ بِسَكْبِ الْمَأْكولاتِ في صُحونٍ وَوَضْعِها
.عَلى صينِيَّةٍ لِنَقْلِها إِلى الطّاوِلاتِ
…يَصْدَحُ الْجامِعُ بِالتَّكْبيرِ
اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلى رِزْقِكَ افْطرتُ وَبِكَ آمَنْتُ، فَتَقَبَّلْ مِنّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّميعُ الْعَليمُ، ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُروقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شاءَ اللهِ. الْحَمْدُ للهِ
…يَضْرُبُ مَدْفَعُ الْإِفْطارِ
يَحْمِلُ مالِكٌ الصّينِيَّةَ وَيَتَوَجَّهُ صَوْبَ طاوِلَةٍ لِيُقَدِّمَ حَساءً لِلصّائِمينَ. يَدورُ عَلى أَوَّلِ صائِمٍ، وَعَلى الثّاني وَعَلى الثّالِثِ، لِتَرْتَخِيَ بَعْدَ ذِلِكَ يَداهُ وَتَسْقُطُ الصّينِيَّةُ وَيَسيلُ الْحَساءُ أَرْضاً. ا
“!يُحَدِّقُ بِبَلاهَةٍ في وَجْهِ الشّابِ الْجالِسِ أَمامَهُ: “بَدري؟
“!بَدري الَّذي يَرْمُقُهُ بِنَظْرَةِ تَحَدٍّ: “بَدري
يَصيءُ مالِكٌ: “بَدري! أَنْتَ تَفْطَرُ هُنا؟
-
.كُلَّ يَوْمٍ –
.لَمْ أَكُنْ أًعْلَمُ –
وَما يَهُمُّ لَوْ أَنَّكَ كُنْتَ تَعْلَمُ؟ –
!كُنْتُ تَصَرَّفْتُ بِطَريقَةٍ أُخْرى –
“.لا أُريدُ شَفَقَتَكَ! اِمْسَحْ نَظْرَةَ الْبَلَهِ عَنْ وَجْهِكَ
.يَجولُ مالِكٌ بِنَظَرِهِ عَلى الصّائِمينَ
.وُجوهٌ هادِئَةٌ تَفْطَرُ مُطْمَئِنَّةً
.وُجوهٌ يُنَوِّرُها الْإِيمانُ، أَكْتافٌ يَرخوها التَّواضُعُ
.مَحَبَّةٌ، أُخُوَّةٌ، رِضى وَخُشوعٌ
يُعيدُ نَظَرَهُ إِلى بَدري وَيُسِرُّ لَهُ: “لَطالَما تَساءَلْتُ لِماذا لَسْتَ كووول مِثْلَنا بَلْ مُنَشّا. كَمْ تَمَنَّيْتُ لَوْ أَتِشُّكَ بِالْماءِ! لَكِنَّني الآنَ فَهِمْتُ. فَهِمْتُ أَنَّكَ تَبْني مُسْتَقْبَلَكَ. ماذا تُريدُني أَنْ أَفْعَلَ لَكَ؟
-
.أُريدُكَ أَنْ تَحْتَرِمَني –